قال المؤلف رحمه الله (فصل)
الشرح أن هذا فصل معقود لبيان أحكام الاستنجاء.
قال المؤلف رحمه الله (يجبُ الاستنجاءُ مِنْ كلِّ رَطْبٍ خارج من أحد السبيلينِ غيرَ المنيِّ بالماءِ إلى أن يطهُرَ المحلُّ أو بمسحِهِ ثلاثَ مَسحاتٍ أو أكثرَ إلى أن يَنقَى المَحَلُّ وإن بقيَ الأثرُ بقالعٍ طاهرٍ جامدٍ غيرِ محترمٍ ولو معَ وجودِ الماءِ مِن غيرِ انتقالٍ وقبلَ جفافٍ فإنِ انتقلَ عنِ المكانِ الّذي استقرّ فيه أو جَفَّ وجبَ الماءُ)
الشرح هذا الفصل معقودٌ للاستنجاء كما تقدم. وأوجبُ ما يُوجب الاستنجاء وأشدّه البولُ لأن التَّضمُّخ بالبول من أكبر الكبائر1 2 وهو أكثر ما يكون سببًا لعذاب القبر3. فما كان خارجًا من أحد السبيلين وكان رطبًا بحيث لوَّثَ المخرَج4 وجب الاستنجاء منه إن كان مُعتادًا أو غيرَهُ كالدم.
ولا يجب الاستنجاء من الخارج الجامد كالحصى الخارج بلا بلل5. ثم إن كان الاستنجاء بحجر يعفى عن الأثر الذي يبقى وهو الذي لا يزيله إِلا الماءُ أو صغارُ الخَزَف6 أي الفخار ثم إذا عَرِقَ المحلُّ فأصاب ما يليه من الثوب عُفِيَ عنه7 لأنَّ هذا مما يَكثُر الابتلاء به ولا سِيَّما في البلاد الحارّة.
وقول المؤلف "غيرَ المنيِّ" أراد به أن المنيّ لا يجب الاستنجاء منه لأنه طاهر8 عند الإمام الشافعي رحمه الله ولكنه يُسَنُّ الاستنجاءُ منه للخروج من خلاف الأئمة القائلين بنجاسته9.
ثم الواجب على المستنجي الماءُ فقط أو الحجرُ أو ما يقوم مقامه. وكيفيّة الاستنجاء10 أن يضعَ يده على المخرج مع سكب الماء ويدلك المخرجَ11 إلى أن يذهب الخارجُ عينُهُ وأَثَرُهُ ويكفي غلبة الظن في زواله12 فإن مسح بحجر أو نحوه وجب أن يمسح ثلاث مسحات إمَّا بثلاثة أحجار وإِمَّا بحجر واحد له ثلاثةُ أطراف أو أكثرَ إلى أن يُنْقِيَ المحلّ13.
وفي حكم الحجر كل شىء قالع طاهر جامد غير محترم14 فلا يُجْزِئ أي لا يكفي غيرُ القالع لِمَلاسَتِهِ كالزُّجاج أو القصب15 أو لغير الملاسة كالتراب المتناثر16 ولا يكفي الجامد النجسُ أو المتنجّس ولا الرَّطْبُ كالجلد الرطب17 ولا ما عليه رطوبة ولو خرقةً مبلولة بالماء فإن كانت جافَّةً فهي مثل الحجر فيكفي الاستنجاء بها. ولا يكفي أيضًا للاستنجاء القالعُ المحترم كورقة علم شرعي18 بل من استنجى بها عالِمًا بما فيها كفر. ومن المحترم مطعوم الآدمي كالخبز19. ثم إنَّما يكفي الاستنجاء بالحجر ونحوه20 إذا لم ينتقلِ الخارج عن المخرج إلى غيره أي لم يجاوز الحشفة والصفحتينِ21 أي ما ينضمُّ من الأليتين عند القيام. ويُشترط لكفاية الاستنجاء بالحجر للنساء أن لا يصل البول إلى مدخل الذَّكر وإلا تعيَّن الماء22. ويكفي الاستنجاء بالحجر من الغائط ولو كان على المخرج شعرٌ.
ويُشْتَرَط أن يكون المسحُ قبل الجفاف ، ولا يمنع اختلاط العَرَقِ بالخارج من إجزاء الاستنجاء بالحجر.
وما يفعله بعضُ الناس عند الاستنجاء من الغائط من أن يأخذوا بالكف اليسرى ماءً ثم يدلكوا به المخرج فذلك قبيح غير كافٍ
والاستبراء وهو إخراج بقيةِ البول بعد انقطاعه بتنحنح أو نحوه يكون واجبًا في حال وسنةً في حال، يكون واجبًا إذا كان يَخشى من تركه تلويثَ نفسه بالبول ويكون سنة إذا كان لا يخشى من تركه تلويثَ نفسه بالبول23.
-------------